تاريخ التكفير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد
فإن التكفير مزلة أقدام ومضلة أفهام. كم بسببه أضيعت أديان واستبيحت دماء وأزهقت أُنفس أبرياء , حتى وصل شره وخطره إلى العلماء والأولياء , فقد تطاولت الخوارج والتكفيريون إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه, الذي تستحي منه الملائكة , والذي جاء في مناقبه الأحاديث الكثيرة ,من ذلك ما جاء في صحيح البخاري عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطا وأمرني بحفظ باب الحائط , فجاء رجل يستأذن فقال : (( ائذن له وبشره بالجنة )) فإذا أبو بكر, ثم جاء آخر يستأذن فقال: (( ائذن له وبشره بالجنة)) فإذا عمر, ثم جاء آخر يستأذن , فسكت هنيهة ثم قال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى ستصيبه, فإذا عثمان بن عفان. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (( من يحفر بئر رومة وله الجنة )) فحفرها عثمان . وقال (( من جهز جيش العسرة فله الجنة )) فجهزه عثمان.
ومع ذلك لم يسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه, من أيدي الخوارج التكفيريين لا المتقدمين منهم ولا المتأخرين. فالأولون دخلوا عليه وهو في بيته يقرأ القرآن الكريم فأدخلوا السيف في ظهره حتى مات , وقد رأى في المنام في تلك الليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قال له ستفطر عندنا الليلة. والمتأخرين طعنوا في عدالته , فهذا سيد قطب الذي هو بحق مجدد فكر الخوارج التكفيري يقول : ( لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير , ومن ورائه مروان بن الحكم يصرف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام . كما أن طبيعة عثمان الرضية , وحدبه الشديد على أهله قد ساهم كلاهما في صدور تصرفات أنكرها الكثير من الصحابة من حوله , وكانت له معقبات كثيرة , وأثار في الفتنة, التي عانى الإسلام منها كثيرا ). العدالة الاجتماعية ص159.وقال أيضا: ( ولقد كان من سوء الطالع أن تدرك الخلافة عثمان وهو شيخ كبير , ضعفت عزيمته عن عزائم الإسلام , وضعفت إرادته عن الصمود لكيد مروان وكيد أمية من ورائه ) . وقد رد الأستاذ محمود شاكر رحمه الله على طعونات سيد قطب في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلة المسلمون – العدد الثالث – عام 1371هـ .
والخوارج التكفيريون كفروا علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وقتله أحدهم وهو ذاهب لصلاة الفجر . وهو عبد الرحمن بن ملجم قبحه الله . وقد أثنى عليه أحدهم في قتله لعلي رضي الله عنه يقول عمران بن حطان السدوسي شاعر الخوارج – قبحه الله -:
يا ضربة من تقي ما أراد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا .
إني لأذكره يوما فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزانا .
ولا يزال شرهم يتطاول على الكبير والصغير حتى نالت ألسنتهم وطعونهم أئمة الدين وحماة التوحيد والسنة من العلماء والولاة . وأضعفوا شوكة الأمة عبر القرون وفتحوا ثغورا على المسلمين وأتوا على أهل الإسلام شرورا من قبل أعدائهم .
إن أول تاريخ الخوارج التكفيريين بدأ في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم . يقول الإمام المحدث أبو بكر محمد بن حسين الآجري ( ت360 ) في كتابه الشريعة :- ( فأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو رجل طعن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم فقال: اعدل يا محمد , فما أراك تعدل ) فأراد عمر- رضي الله عنه – قتله , فمنعه النبي صلى الله عليه من قتله . وأخبر أن هذا وأصحابا له يحقر أحدكم صلاته مع صلاته , وصيامه مع صيامه , يمرقون من الدين , وأمر في غير حديث بقتالهم , وبين فضل من قتلهم أو قتلوه . ثم إنهم خرجوا بعد ذلك من بلدان شتى , واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر , حتى قدموا المدينة , فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله عنه , وقد اجتهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان بالمدينة في أن لا يقتل عثمان , فما طاقوا على ذلك – رضي الله عنهم - .
ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ولم يرضوا بحكمه , واظهروا قولهم , وقالوا لا حكم إلا لله ) فقال: علي - رضي الله عنه – ( كلمة حق أرادوا بها الباطل ), فقاتلهم علي رضي الله عنه , فأكرمه الله تعالى بقتلهم وأخبر عن النبي صلى الله عليه بفضل من قتلهم أو قتلوه , وقاتل معه الصحابة , فصار سيف علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة , ثم ذكر بسنده إلى جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما- قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم – عند منصرفه من حنين, وفي ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم – فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم – يقبض منها , فيعطي منها , فقال : يا محمد, اعدل . فقال : (ويلك , ومن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ لقد خبت وخسرت إذا لم أكن أعدل ) فقال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يار سول الله دعني فأقتل هذا المنافق , فقال : ( معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي , إن هذا وأصحابه يقروؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم, يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) وهذا الحديث رواه أيضا مسلم في صحيحة .
وروى الآجري بسنده إلى أبي سعيد الخدري قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم ذات يوم قسما . إذ قال أبو الخويصرة التميمي : يا رسول الله , اعدل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ويحك, فمن يعدل إذا لم أكن أعدل) فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله ائذن لي أضرب عنقه , قال: ( لا, إن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته , وصيامه مع صيامه , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء , ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء , ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء , ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء , سبق الفرث والدم , يخرجون على حين فرقة من الناس , آيتهم رجل أدعج إحدى يديه مثل ثدي المرأة , أو مثل البضعة تدردر) قال أبو سعيد : أشهد لسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأشهد اني كنت مع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين قتلهم , والتمس في القتلى , فأتي به على النعت الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ). الشرعة للآجري ( 1/ 326- 336) وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأدب (ح 6163 ) وأخرجه البخاري أيضا في كتاب أحاديث الأنبياء من صحيحه ( ح 3344) عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه قال: بعث علي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذُهيبة فقسمها بين الأربعة : الأقرع بن جابس الحنظلي ثم المجاشعي وعينه بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا : يعطى صناديد أهل نجد ويدعنا؟ قال: ( إنما أتألفهم ) فأقبل رجل غائر العينين , مشرف الوجنتين, ناتئ الجبين كث اللحية , محلوق : فقال اتق الله يا محمد , فقال (؟ من يطع الله إذا عصيت ؟ أيأمنني الله على أهل الأرض ولا تأمنوني ؟ فسأله رجل قتله أحسبه خالد بن الوليد فمنعه فلما ولى قال( إن من صئصئ هذا أو في عقب هذا – قوم يقروؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم , يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية , يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أدركتهم لأقلتنهم قتل عاد ) فهذه الأحاديث توضح لنا منشأ وتأريخ الخوارج التكفيريين , ويدل أيضا على أن مقاصد خروجهم مقاصد دنيوية ومن ظنون سيئة ومن أهواء مردية.والخوارج التكفيريون باقون إلى قيام الساعة , كلما انقطع قرن خرج قرن آخر حتى يخرج الدجال , فيكونوا تبعا له, تنعمي أبصارهم وبصيرتهم عن عدم الاغترار به بسبب أنهم يتبعون الأهواء ويتركون السنة , مع أنه مكتوب بين عينيه كافر يقرأها كل موحد ولو كان أمياً .روى ابن ماجه في سننه وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة , في باب ذكر الخوارج عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ينشأ نشئ يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , كلما خرج قرن قطع ) قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( كلما خرج قرن قطع ) أكثر من عشرين مرة . ( حتى يخرج في عراضهم الدجال ) قال: الألباني قوله: (عراضهم ) . جمع عرض , بفتح وسكون , بمعنى الجيش العظيم .وأخرج ابن ماجة أيضا في باب ذكر الخوارج – وحسنه الألباني – عن أبي أمامة يقول : ( شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء وخير قتلى من قتلوا , كلاب أهل النار , قد كان هؤلاء مسلمين , فصاروا كفارا ) قلت : يا أباأُمامة ! هذا شئ تقوله؟ قال بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ). وإن زماننا هذا قد شهد ظهور قرن الخوارج التكفيريين , ومن أحيا فتنتهم في هذا العصر تنظيم دعوة حزب الإخوان المسلمين , وبالأخص التنظيم الذي يطلق عليه تنظيم 65 والذي أعاد تنظيمه ووضع معالمه وقواعده سيد قطب . يقول عبد الله إمام عن هذا التنظيم ( وتمت موافقة المرشد حسن الهضيبي عليه , ورشح سيد قطب للإشراف عليه , وتولى سيد قطب العمل فعلا ) ويقول أيضا ( كما كانت هناك خطط للنسف والتفجير , والتدمير لمحطات الكهرباء والكباري وغيرها من المرافق وقد استبعدت فيها القناطر الخيرية بناء على اقتراحات بعض الشباب الذين عارضوا المرشد العام الجديد – سيد قطب – في أمر إغراق كل الدلتا ), ويقول أيضا: ( وكان كتاب معالم في الطريق هو بمثابة برنامج عمل التنظيم الجديد للإخوان , والذين ما ورد فيه من أفكار , وما تردد في محاكمات الإخوان حول رؤيتهم للمجتمع المعاصر بأنه مجتمع جاهلي , وغير ذلك من الأفكار , يلاحظون التطابق التام بينها وبين أفكار وبرامج التكفير والهجرة, والتي اتضحت في محاكماتهم بتهمة إحراز أسلحة وعمل تنظيم , وقتل المرحوم الشيخ الذهبي , وأيضا برامج الجماعات الإسلامية بعد ذلك). وقد عجت مؤلفات سيد قطب بتكفير الحكام والمجتمعات قاطبة , مثل كتابه العدالة الاجتماعية , وظلال القرآن , ومقومات التصور الإسلامي , ومعالم في الطريق , وغيرها من المؤلفات. يقول يوسف القرضاوي في كتابه أولويات الحركة الإسلامية : ( في هذه المرحلة ظهرت كتب سيد قطب التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره , والتي تنضح بتكفير المجتمع , وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي , وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافة , ويتجلى ذلك أوضح ما يكون في ( تفسير ظلال القرآن) وفي ( معالم في الطريق ) وفي (( الإسلام ومشكلات الحضارة الإسلامية) .
ويقول فريد عبد الخالق أحد قادة الإخوان المسلمين في كتابه ( الإخوان المسلمين في ميزان الحق ) :- ( أن نشأة فكر التكفير بدأت بيد شباب بعض الإخوان في سجن القناطر , في أواخر الخمسينات , وأوائل الستينات , وأنهم تأثروا بفكر سيد قطب وكتاباته, وأخذوا منها : أن المجتمع في جاهلية , وأنه قد كفر حكامه الذين تنكروا الحاكمية بعدم الحكم بما أنزل الله ومحكوميه إذ رضوا بذلك ) .
وانتشار هذا الفكر التكفيري بين الشباب في مصر حمّل العلماء أن يقولوا قولهم ويبرؤا ذمتهم فكتبوا وثيقة رسمية يحذرون من هذا الفكر الخطير الذي وضع معالمه سيد قطب في كتابه معالم في الطريق. جاء في هذه الوثيقة ( لأول نظرة في الكتاب يدرك القارئ أن موضوعه دعوة إلى الإسلام , ولكن اسلوبه اسلوب استفزازي , يفاجأ القارئ بما يهيج مشاعره الدينية وخاصة إذا كان من الشباب , أو البسطاء , الذين يندفعون في غير روية إلى دعوة الداعي باسم الدين , ويتقبلون ما يوحى إليهم من أحداث ويحسبون أنها دعوة الحق الخالصة لوجه الله , وأن الأخذ بها سبيل إلى الجنة , وأحب أن أذكر بعض النصوص من عبارات المؤلف لتكون أما منا في تصور موقفه) ثم أخذت لجنة الأزهر تذكر بعض هذه النصوص من كلام سيد قطب, ومنها ( ووجود الأمة المسلمة يعتبر قد انقطع منذ قرون كثيرة ) ومنها ( أن العالم يعيش اليوم كله في جاهلية ) ومنها (نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام , أو أظلم كل ما حولنا جاهلية ). ومنها ( أن مهمتنا الأولى هي تغيير واقع هذا المجتمع , مهمتنا هي تغيير هذا الواقع الجاهلي من أساسه ) ثم أخذت هذه الوثيقة ترد على هذه الشطحات التكفيرية, فقالوا ( إن الحاكمية لله ولا حاكمية إلا لله , كلمة قالها الخوارج قديما , وهي وسيلتهم إلى ما كان منهم في عهد الخليفة علي , من تشقيق الجماعة الإسلامية وتفريق الصفوف , وهي الكلمة التي قال عنها الخليفة علي (( إنها كلمة حق أريد بها باطل )) , فالمؤلف يدعوا مرة إلى بعث جديد في الرقعة الإسلامية , ثم يتوسع فيجعلها دعوة في الدنيا كلها , وهي دعوة على يد الطليعة التي ينشدها , والتي وضع كتابه هذا ليرشد بمعالمه هذه الطليعة. وليس أغرب من هذه النزعة الخيالية , وهي نزعة تخريبية , يسميها طريق الإسلام . والإسلام كما هو اسمه ومسماه يأبى الفتنة , ولو في أبسط صوره , فكيف إذا كانت غاشمة جبارة , كالتي يتخيلها المؤلف ) إلى آخر ما جاء في الوثيقة الرسمية للأزهر . وكان مما جاء في نهايتها ( وبعد فقد انتهيت من كتاب معالم في الطريق إلى أمور
1- أنه إنسان مسرف في التشاؤم, ينظر إلى الدنيا بمنظار أسود , ويصورها كما يراها هو , أو أسوأ مما يراها .
2- أن سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه التدين من مطاردة الحكام , مهما يكن في ذلك من إراقة الدماء , والفتك بالأبرياء , وتخريب العمران , وترويع المجتمع , وتصدع الأمن , وإلهاب الفتن , في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله , وذلك هو معنى الثورة الحاكمية التي رددها في كلامه ) العنف الديني في مصر لعبد الله إمام ص 189- ص 196.
ولا زال هذا الفكر رائجا مستمرا بين أحضان الشباب بسبب التربية على مؤلفات سيد قطب , وتمجيدها من بعض الدعاة , ممن هم أنفسهم – أعني بعض دعاة الصحوة – قد خرجت منهم عبارات تكفيرية خطيرة تروج في أشرطة حماسية , وكتيبات فكرية تهييجية .
ومع ذلك فإن علماءنا ما زالوا يحذرون الأمة من هذا الفكر الخطير , كابن باز وابن عثيمين والفوزان وسماحة المفتي وغيرهم من إخوانهم من أهل العلم , ولكن كان ولا يزال يحول بين ذلك والشباب التنفير من العلماء بأوصاف قبيحة وألقاب سيئة مما جعل بعض الشباب لا يتقبلون منهم كلاما . حتى وصل الحد إلى ما نراه من بعض الشباب حدثاء الأسنان , سفهاء الأحلام يكفر العلماء والولاة , ويفجر بنفسه , ويقتل الأبرياء , ويدمر البنيان , وصدق فيهم ما رواه ابن ماجة في سننه وصححه الألباني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان , سفهاء الأحلام يقولون من خير قول الناس , يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم , يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية , فمن لقيهم فليقتلهم , فإن قتلهم أجر عند الله لمن قتلهم ) .
فهذا تاريخ التكفير والخوارج . وإن السبيل للنجاة من هذه الفتن وغيرها من الأهواء هو تقوى الله تعالى حق التقوى والتمسك بالسنة , وطلب العلم من مظانه ومنابعه الصحيحة والالتفاف حول العلماء وجماعة المسلمين. وهذا ما وصى به الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في سنن أبي داود في باب لزوم السنة عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر بن حجر قالا : أتينا العرباض بن سارية وهو ممن نزل فيه ( ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع ) فسلمنا وقلنا : أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين , فقال العرباض: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها الدموع ووجلت منها القلوب , فقال قائل : يا رسول الله , كأنها موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة , وإن تأمر عليكم عبدا حبشيا , فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها , وعضوا عليها بالنواجذ , وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة , وكل بدعة ضلالة ) .
اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تثبتنا على السنة وأن تجعلنا هداة مهتدين , اللهم نسألك أن تقي بلادنا شر الفتن ما ظهر منها وما بطن . اللهم قنا شرور أنفسنا وشرور عبادك , وأدم على بلادنا أمنها وزدها صلاحا وإصلاحا .
اللهم عليك بالفساد والمفسدين , اللهم اجعل كيدهم في نحورهم , وتدبيرهم تدميرا عليهم يا رب العالمين .
وصلى الله على نبينا محمد و آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
كتبه
الشيخ عبد الله بن صلفيق الظفيري
http://www.dafiri.com/node/281
0 التعليقات :
إرسال تعليق