.

.

سماحة شيخ الإسلام في عصره
الإمام عبد العزيز بن باز 
– رحمه الله تعالى –
(1)- س: ماواجب علماء المسلمين حيال كثرة الجمعيات والجماعات في كثير من الدول الإسلامية وغيرها، واختلافها فيما بينها حتى إن كل جماعة تضلل الأخرى. ألا ترون من المناسب التدخل في مثل هذه المسألة بإيضاح وجه الحق في هذه الخلافات، خشية تفاقمها وعواقبها الوخيمة على المسلمين هناك ؟ ج: إن نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - بين لنا درباً واحداً يجب على المسلمين أن يسلكوه وهو صراط الله المستقيم ومنهج دينه القويم ، يقول الله تعالى : {وأنَّ هَذَا صِرَاطي مُسْتَقِيمَاً فاتَّبعوهُ وَلا تتبعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّق بكم عَن سَبيْلِه ذَلِكم وَصَّاكم به لعَلكم تَتَّقون} كما نهى رب العزة والجلال أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - عن التفرق واختلاف الكلمة؛ لأن ذلك من أعظم أسباب الفشل وتسلط العدو كما في قوله جل وعلا: { وَاعتَصِمُوا بحبل اللَّه جَميعاً وَلا تَّفرَّقُوا } وقوله تعالى: { شَرَعَ لَكم من الدينِ مَا وَصَّى به نُوحَاً وَالذِي أوحَيْنَا إليكَ وَمَا وَصَّيْنا بِه إبرَاهيْمَ وَمُوسَى وَعيسَى أنْ أقيمُوا الدينَ وَلا تتفرَّقوا فيه كَبُرَ على المشركينَ مَا تَدْعُوهُم إليْه }.فهذه دعوة إلهية إلى اتحاد الكلمة وتآلف القلوب. والجمعيات إذا كثرت في أي بلد إسلامي من أجل الخير والمساعدات والتعاون على البر والتقوى بين المسلمين دون أن تختلف أهواء أصحابها فهي خير وبركة وفوائدها عظيمة.أما إن كانت كل واحدة تضلل الأخرى وتنقد أعمالها فإن الضرر بها حينئذ عظيم والعواقب وخيمة.
فالواجب على المسلمين توضيح الحقيقة ومناقشة كل جماعة أو جمعية ونصح الجميع بأن يسيروا في الخط الذي رسمه الله لعباده ودعا إليه نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، ومن تجاوز هذا أو استمر في عناده لمصالح شخصية أو لمقاصد لا يعلمها إلا الله ـ فإن الواجب التشهير به والتحذير منه ممن عرف الحقيقة ، حتى يتجنب الناس طريقهم وحتى لا يدخل معهم من لا يعرف حقيقة أمرهم فيضلوه ويصرفوه عن الطريق المستقيم الذي أمرنا الله باتباعه في قوله جل وعلا : { وأنَّ هَذَا صِرَاطي مُسْتَقِيمَاً فاتَّبعوهُ وَلا تتبعُوا السُبُلَ فَتَفَرَّق بكم عَن سَبيْلِه ذَلِكم وَصَّاكم به لعَلكم تَتَّقون }ومما لا شك فيه أن كثرة الفرق والجماعات في المجتمع الإسلامي مما يحرص عليه الشيطان أولا وأعداء الإسلام من الإنس ثانياً، لأن اتفاق كلمة المسلمين ووحدتهم وإدراكهم الخطر الذي يهددهم ويستهدف عقيدتهم يجعلهم ينشطون لمكافحة ذلك والعمل في صف واحد من أجل مصلحة المسلمين ودرء الخطر عن دينهم وبلادهم وإخوانهم وهذا مسلك لا يرضاه الأعداء من الإنس والجن، فلذا هم يحرصون على تفريق كلمة المسلمين وتشتيت شملهم وبذر أسباب العداوة بينهم ، نسأل الله أن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يزيل من مجتمعهم كل فتنة وضلالة، إنه ولي ذلك والقادر عليه)).
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (5/202ـ204)]

http://www.binbaz.org.sa/mat/46

وأنظر سماحة الشيخ في حديث خاص لمجلة الحرس الوطني
http://www.ibnbaz.org.sa/mat/21344

وأنظر وجوب تعاون المسلم مع إخوانه المسلمين على البر والتقوى

http://www.ibnbaz.org.sa/mat/4164 

حكم الانتماء إلى أحزاب دينية
بماذا تنصحون الدعاة حيال موقفهم من المبتدعة؟ كما نرجو من حمل سماحتكم توجيه نصيحة خاصة إلى الشباب الذين يتأثرون بالانتماءات الحزبية المسماة بالدينية؟
نوصي إخواننا جميعا بالدعوة إلى الله سبحانه بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن كما أمر الله سبحانه بذلك مع جميع الناس ومع المبتدعة إذا أظهروا بدعتهم، وأن ينكروا عليهم سواء كانوا من الشيعة أو غيرهم- فأي بدعة رآها المؤمن وجب عليه إنكارها حسب الطاقة بالطرق الشرعية.
والبدعة هي ما أحدثه الناس في الدين ونسبوه إليه وليس منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) ومن أمثلة ذلك بدعة الرفض، وبدعة الاعتزال، وبدعة الإرجاء، وبدعة الخوارج، وبدعه الاحتفال بالموالد، وبدعة البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها إلى غير ذلك من البدع، فيجب نصحهم وتوجيههم إلى الخير، وإنكار ما أحدثوا من البدع بالأدلة الشرعية وتعليمهم ما جهلوا من الحق بالرفق والأسلوب الحسن والأدلة الواضحة لعلهم يقبلون الحق.
أما الانتماءات إلى الأحزاب المحدثة فالواجب تركها، وأن ينتمي الجميع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يتعاونوا في ذلك بصدق وإخلاص، وبذلك يكونون من حزب الله الذي قال الله فيه سبحانه في آخر سورة المجادلة: أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[1] بعدما ذكر صفاتهم العظيمة في قوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ[2] الآية.
ومن صفاتهم العظيمة ما ذكره الله عز وجل في سورة الذاريات في قول الله عز وجل: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ[3] فهذه صفات حزب الله لا يتحيزون إلى غير كتاب الله، والسنة والدعوة إليها والسير على منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان.
فهم ينصحون جميع الأحزاب وجميع الجمعيات ويدعونهم إلى التمسك بالكتاب والسنة، وعرض ما اختلفوا فيه عليهما فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول وهو الحق، وما خالفهما وجب تركه.
ولا فرق في ذلك بين جماعة الإخوان المسلمين، أو أنصار السنة والجمعية الشرعية، أو جماعة التبليغ أو غيرهم من الجمعيات والأحزاب المنتسبة للإسلام. وبذلك تجتمع الكلمة ويتحد الهدف ويكون الجميع حزبا واحدا يترسم خطى أهل السنة والجماعة الذين هم حزب الله وأنصار دينه والدعاة إليه.
ولا يجوز التعصب لأي جمعية أو أي حزب فيما يخالف الشرع المطهر.
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السابع 

[1] سورة المجادلة الآية 22.
[2] سورة المجادلة الآية 22.
[3] سورة الذاريات الآيات 15 – 19.

(2)- وسُئِلَ سماحة الشيخ ابن باز: هل تُقِرُّون مثل الدخول في هذه الجماعات: جماعة الإخوان، جماعة التبليغ، جماعة الجهاد، أو تنصحونهم بالبقاء على طلب العلم مع طُلاَّب العلم من الدعوة السلفية ؟
فأجاب بقوله : (( ننصحهم جميعاً بالاجتماع على كلمةٍ واحدة وهي طلب العلم والتفقُّه في الكتاب والسُنَّة والسير على منهج أهل السُنَّة والجماعة، ننصحهم جميعاً بأن يكون هدفهم هو اتباع الكتاب والسُنَّة والسير على منهج أهل السُنَّة والجماعة، وأن يكونوا جميعاً يُسَمُّون أنفسهم أهل السُنَّة، أو أتباع السلف الصالح .أمَّا التحزُّب للإخوان المسلمين أو جمعية التبليغ، أو كذا وكذا ، لا ننصح بـه، هذا غلط، ولكن ننصحهم بأن يكونوا كتلة واحدة وجماعة واحدة يتواصون بالحق والصبر عليه، وينتسبون لأهل السُنَّة والجماعة .
هذا هو الطريق السويّ الذي يمنع الخلاف، وإذا كانوا جماعات على هذا الطريق ما يضر كونهم جماعة في (( إب ))، وجماعة في (( صنعاء ))، لكن كلهم على الطريقة السلفية اتِّباع الكتاب والسُنَّة يدعون إلى الله وينتسبون إلى أهل السُنَّة والجماعة من غير تحزُّب ولا تعصُّب، هذا لا بأس بـه وإن تعدَّدت الجماعات ، لكن يكون هدفهم واحد وطريقهم واحد )).

[ من شريطٍ بعنوان أسئلة أبي الحسن للشيخين ابن باز وابن العثيمين" سُجِّل بمكَّة المكرَّمة في السادس من ذي الحجة عام 1416 هـ]

(3)- وسُئِلَ الشيخ – رحمه الله - أيضاً : بعض الشباب يقول : نحن إذا دخلنا في جماعة مثل جماعة الإخوان ، أو التبليغ ، أو الجهاد لنُصْلِح الأخطاء من الدَّاخل أحسن ما نكون بعيدين عنهم ندخل معهم إن طلبوا مِنَّا بيعة بايعناهم أو نرفض البيعة ولكن ندخل معهم لنصلح أخطاءهم ، هل تنصح بذلك ؟
فأجاب سماحة الشيخ ابن باز بقوله : (( أمـَّا زيارتهم للصُّلْح فلا بأس، أمَّا الانتساب إليهم لا، لكن زيارتهم للصُّلْحِ بينهم وللدعوة إلى الخير وتوجيههم إلى الخير ونصيحتهم فلا بأس، ولكن يكونوا مستقلِّين على طريق أهل السُنَّة والجماعة .وإذا زاروا الإخوان أو جماعة التبليغ ونصحوهم لله وقالوا : دعوا عنكم التعصُّب، عليكم بالكتاب والسُنَّة، تمسَّكوا بالكتاب والسُنَّة، كونوا مع أهل الخير، دعوا التفرُّق الاختلاف، هذا نصيحة طيب )).

[ من شريطٍ بعنوان أسئلة أبي الحسن للشيخين ابن باز وابن العثيمين" سُجِّل بمكَّة المكرَّمة في السادس من ذي الحجة عام 1416 هـ]

(4)- سُئِلَ الشيخ ابن باز : بعض الطُّلاَّب السلفيين يقولون : لابـُدَّ أن نجتمع على عهد وعلى بيعة لأميرٍ لنا وإن كُنَّا على المنهج السلفي ، لسنا في الجماعات الأُخرى ؟فأجاب الشيخ بقوله : (( ما يحتاج بيعة ولا شيء أبداً ، يكفيهم ما كفى الأولين . الأولون طلبوا العلم وتعاملوا بالبر مِن دون بيعة لأحد )).
[ من شريطٍ بعنوان أسئلة أبي الحسن للشيخين ابن باز وابن العثيمين" سُجِّل بمكَّة المكرَّمة في السادس من ذي الحجة عام 1416 هـ]
 
أعلى